لماذا لا يموت الحزن هو الآخر؟
كل شيء يموت،من نحب،من نكره ومن لا نعرفهم،حتى العصافير تموت...
إلا هو السيد المعتم المدعو " الحزن " لم لا يموت؟
كيف تمتد حياته بكل هذا الاتساع،وهذا الاشتهاء لمزيد من النار لإضرام دفء
وحريق ونهايات لا تدرك معاني غير الوداع؟
لأن كل شيء يموت،فإنه يصر على الحياة بين الدم والقلب والجفن والدمع،هو
فقط من يملك هذه القدرة الصعبة،والحياة ذات المباهج الثكلى والأحلام
المدفونة في رمال تتحرك كلما هبت ريح الحزن وقدم ليل سدوله من شعر
وعتمة وأشياء من قلق ووساوس.
يرمي بثقله على روح تشبه الندى إلى حد بعيد يتحول إلى كابوس جاثم على
صدر الوقت ومرور الأيام،ولا يشاء إلا أن يصر على أن يظهر كلما برق الثغر
مبتسما وعذبا.
ربما كره الاختصار........
فلا الشعر يكفي لرثائه،ولا الاحتفاء به يجعله ينسحب من دون ندوبات عذاباته
ولا حتى الثرثرة تزيح مراسيه.
يشبه الحياة في وجهها المجهول والصعب،ويشبه ذاته حين لا يعي كل هذا
السوادالذي يأتي معه متأبطا كل تأملاته بالخلاص.
ليته كان له نوع من السم نغريه بالتهامه،أو ربما بندقية ترديه مودعا،كلما زاد
من عذابه ووطأة مشاعره،أو ربما ينتحر بإيعاز من أحلام صغيرة تتمنى لو
تعيش زيارته البغيضة....
ليته يموت ليتسنى لنا أن نحيا حياة لا تعرف إلا ذاتها وتفاصيلها الشهية
المحرضة على حياة..أكثر عمقا وحياة.