قصة هود عليه السلام
(الجزء الأول)
سوف اكتب لكم في هذا الجزء عن حال قوم عاد وقوتهم وسطوهم ووحي الله إلى نبيه هود وكيفية دعوته إليهم ورفضهم الى التوحيد وإصرارهم على عبادة الأوثان ثم العذاب الذي حلّ بهم
قال الله تعالى : (وإلى عاد أخاهم هوداً) الآية قال كعب الأحبار الذي أتى بعد نوح من الأنبياء هو نبي الله هود وهو هود بن عبد الله بن عوض من أولاد سام وكان من قبيلة يقال لها عاد وكانوا من عرب يسكنون الأحقاف وهي جبال ورمل وكانت باليمن بين عمان وحضر موت بالقرب من البحر المالح وكان لهذه القبائل ملك يقال له لجليجان وكان طوله مائة ذراع ولهذا كان إذا قام يغطي الشمس عن الأرض وإذا وضع يده على الجبل هدمه من جوانبه .وقال وهب بن منبه وكان الرجل من قوم عاد مائة ذراع وأقصرهم ستون ذراعآ وكانوا لا يبلغون الحلم إلا بعد مائة سنة وكانت تمر عليهم الأربعمائة سنة ولم يمت احد منهم ولا يرى عندهم جنازة وكان كل رأس كل واحد منهم قدر القبة العظيمة وكانوا قومآ جبارين يعبدون الأوثان من دون الله قال بلغني أن ستين رجلاً من قوم موسى استظلوا في قحف رجل من العمالقة وقال زيد بن أسلم رأيت ضبعآ وأولاده كروا في عين رجل من العمالقة ولقد وزنت ضرساً من أضراسه فجاء نحو عشرة أرطال . وقال وهب بن منبه : فلما زاد طغيان هؤلاء القوم بعث إليهم هود وكان لهود من العمر أربعون سنة عند بعثته فنزل إليه جبريل وقال إن الله بعثك إلى قوم عاد فأنذرهم وأعلنهم أني قد أمهلتهم دهراً طويلاً وأعطيتهم من القوة ما لم أعطه لأحد من قبلهم وجعلتهم على أسرة من ذهب وجعلتهم من أطول الناس أعماراً فأمض إليهم وأدعهم إلى التوحيد ليرجعوا عن عبادة الأوثان .
فتوجه إليهم هود في يوم عيدهم وقد إجتمعت هناك الملوك وجلسوا على أسرة من ذهب وجلس الملك الجليجان على سرير من ذهب وعلى رأسه تاج مرصع بالجواهر الفاخرة فلم يشعر إلا بصوت هود وهو يقول اعبدوا الله ربي وربكم مالكم من إله غيره وان هذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله هي التي أغرقت قوم نوح قبلكم فلما رآه الملك الجليجان قال له : ويحك يا هود أتظن أنك مع جموعنا بأسنا وقوتنا تغلبنا بهذه الكلمات ن أما تعلم في يوم وليلة يولد لنا ألف ولد. فلما ضجر هود وهو يدعوهم إلى التوحيد وهم لا يسمعون منه.
سال الله ان يعقم نساءهم فلم تحمل منهم إمرآة في تلك السنة فشكوا ذلك إلى ملكهم الجيجان وقالوا : أن هوداً عقم نساءنا ونخشى أن يكون صادقا فيما يقول . ثم أوحى الله إلى هود ان أخبر قومك أن يؤمنوا بي وإلا أرسلت عليهم ريحاً عظيما ، فلما سمعوه منه ذلك ضربوه بالحجارة فأقام يدعوهم سبعين سنة وهم يرجمونه بالحجارة فلما آيس منها قال : إلهي إنك تعلم أني قد بلغت رسالتك إلى قوم عاد وهم على كفرهم في ضلال مبين ثم أن الله تعالى امسك عنهم المطر سبعة سنين فلما أجدبت أرضهم ماتت مواشيهم وعزت عندهم الأقوات حتى هلك منهم نحو النصف وكان في ذلك الزمان إذا قحطوا توجه منهم جماعة إلى مكة يدعون الله عند البيت الحرام فيسقون في شهرهم ثم إن قوم عاد اختاروا منهم سبعين رجلاً من صلحاتهم فتوجهوا إلى مكة وأخذوا معهم كسوة الكعبة فلما كسوا البيت جاء ريح عاصف فمزق تلك الكسوة ونفضها عن البيت. ثم طافوا بالكعبة ودعوا الله واستسقوا لقومهم.
فلما عادوا أرسل عليهم ثلاث سحابات واحدة بيضاء وواحدة حمراء وواحدة سوداء ثم سمعوا قائلاً يقول : اختاروا من هؤلاء واحدة فاختار كبيرهم السوداء وظن أهنا محشودة بالمطر فساقها إلى ديارهم فما رأوها استبشروا بها وقالوا هذا عارض يمطرنا.
وقال وهب ين منبه إن الله أوحى إلى ملك الريح بأن يفتح أطباق الريح العقيم من تحت الأرض فلما عاين قوم عاد ذلك خرجوا إلى الصحارى هاربين على وجوهم ، فلما دارت الريح العقيم قلعت الشجار بعروقها و انهدمت الدور على أهلها واستمر هذا الأمر على القوم سبع ليالي وثمانية أيام حسوما أي متتابعة فلما رأى القوم ذلك بادروا البيوت ودخلوا فيها فدخل إليهم الريح فأخرجهم منها على وجوهم فلما تزايد بهم خرجوا إلى الصحارى ولبسوا آلة السلاح ووقفوا وقالوا نحن ندفع الريح بقوتنا وسطوتنا فاقتلع الريح منهم سبعة أنفس ممن هم أعظم خلقة وسطوة فكان الريح يرفع الرجل في الجو نحو عشرين ذراعاً ثم يضرب به الأرض فيصيرون وكأنهم أعجاز نخل خاوية وكان الريح يدخل بين أثواب الريح ويحمله ويضرب به الأرض فيخر ميتآ ، ثم أمطر الله عليهم الرمال المسمومة بالنار فاستمروا على ذلك أربعين يوماً وأبقى وأبقي الله أرواحهم في أجسادهم حتى يطول عذابهم فكان المؤمن يمر عليهم فيسمع لهم أنيناً من تحت الرمال .
ويُروى أن هوداً لما خرج الريح العقيم إلى الأرض لم يخرج من بين قومه وكان غيره من الأنبياء إذا نزل بقوم العذاب خرج من بينهم إلا هوداً ومن معه فلم يصيبهم الريح شئ فكان المؤمن يجلس وإلى جانبه الرجل الكافر فيخط بينهم خط فكان الريح العقيم يهب على المؤمن نسيماً رطباً ويهب على الكافر سموماً صعباً .
وأما مالكهم الجليجان فانه عاش بعد فناء قومه أيام حتى نظر إلى مصارعهم أجمعين ثم جاءت الريح فدخلت من فمه وخرجت من دبره فسقط ميتاً ولم ينجو من ذلك العذاب سوى نبي الله هود ومن معه من والمؤمنين ثم أرسل الله عليهم طيوراً سوداء فنقلت أجسادهم وألقت في البحر المحيط
،،،،،
سأكمل الباقي في الجزء الثاني